-------------------------------------------------------------------------------
هذه قصة واقعية حدثت في عهد الخليفة هارون الرشيد ،
عندما كان عالم يجول في مختلف البلاد ، يناظر علماءها ويتغلب عليهم ، حتى ذاع صيته ، وانتشرأمره ،وصار يخشاه العلماء في شتى الأقطار،
ولما علم علماء بغداد أن هذا العالم موجود الآن في إيران ، يتحدى علماءها ، اجتمعوا ليتفكروا فيما بينهم ، ليتدبروا الأمرحتى يتخلصوا من الفضيحة إذا ما
هزموا أمام هذا العالم في حضرة الخليفة ، فقرروا أن يأتوا برجل ليس بعالم ، ويجعلوه يتصدى للعالم القادم من إيران ، وذهبوا إلى بائع بيض في أحد أسواق بغداد ،
وعرضوا عليه أن يلبسوه ملابس فاخرة، ويعطوه ما يرضيه من المال، فقبل الرجل ، ووضع ما بقي معه من بيض في جيوب اللباس الجديد الذي اشتروه له ،
وأخذوه لمواجهة العالم الذي حضر من توه أمام الخليفة .
وبدأت المناظرة التي قرر فيها العالم القادم من إيران أن تكون المناظرة بالإشارة ،فكانت أول إشارة منه أن مد اصبعه قي وجه بائع البيض ، فرد عليه البائع بأن مد اصبعيه في وجه العالم ،
وكان الاختبارالثاني ، بأن أشار العالم باصبعه إلى السماء ، فرد عليه بائع البيض بأن إشار باصبعه إلى الأرض،
وكان الاختبار الثالث ، بأن أخرج العالم من كيس معه دجاجة ، فرد عليه بائع البيض بأن أخرج من جيبه بيضا.فذهل العالم ،
وقال للخليفة : أشهد أن هذا العالم (ويقصد بائع البيض) قد هزمني ، ولم يهزمني أحد قبل ذلك .
وقد فاز بائع البيض بمكافأة مجزية من الخليفة .ولما انفض المجلس ،
عاد الخليفة واستدعى العالم ،
وسأله : ماذا قلت له بهذه الإشارات ،
وماذا قال لك ؟ قال : لما مددت له اصبعا واحد ، قلت له : أن الله واحد ، فرد باصبعيه ، يعني أن الله لا ثاني له ، ولما رفعت اصبعي إلى السماء ،
كنت أقول له : إن الله رفع السماء، فرد بأن أشار باصبعه إلى الأرض ، يقصد بذلك ، أن الله بسط الأرض ،
فلما أخرجت له الدجاجة ، كنت أعني أن الله يخرج الحي من الميت ، فأخرج البيضة ويعني بذلك ، أن الله يخرج الميت من الحي.
وفي اليوم التالي استدعى الخليفة ، العالم الآخر ( بائع البيض) ،
وسأله : ماذا قال لك ذلك العالم بهذه الإشارات ،
وماذا قلت له ؟، رد بائع البيض قائلا : لما رفع اصبعه في وجهي ، يقول لي : سوف أقلع عينك ، فمددت له اصبعين ،
أقول له بذلك : سأقلع عينيك الاثنتين ، ولما رفع اصبعه إلى السماء ،
يقول : سوف أرفعك إلى الأعلى ، فأشرت باصبعي إلى الأرض ، أقصد بذلك أنني سأهوي بك إلى الأرض ، ولما هددني في الإشارة الثالثة بأنه قوي يأكل دجاجا ،أفهمته عندما أخرجت البيض ، بأنني أيضا آكل بيضا .
وهكذا ،
الحدث واحد والفهم مختلف ، وما أكثر ما يحدث هذا في حياتنا اليومية ، يشاهد أحدنا أمرا وكل واحد فينا يفهمه بشكل مختلف ، ومن هنا يحدث الكثير من الشقاق والاختلاف بين الناس ، ومن أجل ذلك نسمع كثيرا من أمثال هذه العبارات : أنا لم أقصد ذلك ، انت فهمتني غلط